فصل: بصيرة في ذكر هود عليه السلام:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أخبرنا أبو القاسم الحريري أنبأنا أبو طالب العشاري أخبرنا أبو بكر محمد بن شاذان أخبرنا محمد بن يعقوب الأصم حدثنا العباس الدوري حدثنا أبو العتاب الدلال حدثنا جرير ابن أيوب البجلي حدثنا أبو إسحاق عن عمرو بن ميمون قال سمعت ابن مسعود يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل: {يوم تبدل الأرض} قال: «أرض بيضاء كأنها فضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل عليها خطيئة» وهذا قول ابن عباس والثاني أنها تبدل بأرض من فضة قال أنس بن مالك والثالث أنها تبدل بخبزة بيضاء فيأكل المؤمن من تحت قدمه- قاله أبو هريرة وابن جبير والقرطبي والرابع أنها تبدل نارًا قاله أبي بن كعب والقول الثاني أن تبديلها تغيير أحوالها وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يبسطها ويمدها مد الأديم وقال ابن عباس يزاد فيها وينقص منها وتذهب آكامها وجبالها وأوديتها وشجرها وتمد وفي تبديل السماوات سبعة أقوال أحدها أنها تجعل من ذهب قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه والثاني تصير جنانا قاله أبي بن كعب والثالث أن تبديلها تكوير شمسها وتناثر نجومها قاله ابن عباس والرابع أنها تبدل بسماوات كأنها الفضة قاله مجاهد والخامس أن تبديلها تغيير أحوالها فمرة تكون كالمهل ومرة كالدهان قاله ابن الأنباري والسادس أن تبديلها أن تطوى كطي السجل للكتاب والسابع أن تنشق فلا تظل ذكرهما الماوردي قالت عائشة قلت يا رسول الله يوم تبدل الأرض غير الأرض فأين الناس يومئذ قال على الجسر فمنهم من يمشي مكبا على وجهه ومنهم من يمشي سويا.
قوله تعالى: {وترى المجرمين} يعني الكفار {يومئذ مقرنين} فيه ثلاثة أقوال أحدها يقرنون مع الشياطين قاله ابن عباس والثاني تقرن أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم قاله ابن زيد والثالث يقرن بعضهم إلى بعض قاله ابن قتيبة والأصفاد الأغلال قوله تعالى: {سرابيلهم من قطران} وهي القمص واحدها سربال والقطران معروف وهو شيء يتحلب من شجر تهنا به الإبل قال الزجاج إنما جعل القطران لأنه يبالغ في اشتعال النار في الجلود فحذرهم ما يعرفون وقرأ ابن عباس والحسن {من قطر} بكسر القاف وسكون الطاء والتنوين {وآن} بقطع الهمزة وفتحها ومدها والقطر الصفر والنحاس وآن قد انتهى حره {وتغشى وجوههم النار} أي تعلوها {ليجزي الله} اللام متعلقة بقوله تعالى: {وبرزوا} وفي سرعة حسابه قولان أحدهما عجلة حضوره ومجيئه والثاني سرعة فراغه قال ابن عباس يفرغ الله عز وجل من حساب الخلق في قدر نصف يوم من أيام الدنيا أين من لعب ولها أين من غفل وسها دهاه أفظع ما دهى وحط ركنه فوهى ذهبت لذة ذنوبه وحبس بها نظر في عاجله ونسي المنتهى.
نادى القصور التي أقوت معالمها ** أين الجسوم التي طابت مطاعمها

أين الملوك وأبناء الملوك ومن ** ألهاه ناضر دنياه وناعمها

أين الأسود التي كانت تحاذرها ** أسد العرين ومن خوف تسالمها

أين الجيوش التي كانت لو اعترضت ** لها العقاب لخانتها قوادمها

أين الحجاب ومن كان الحجاب له ** وأين رتبته الكبرى وخادمها

أين اللذين لهوا عما له خلقوا ** كما لهت في مراعيها سوائمها

أين البيوت التي من عسجد نسجت ** هل الدنانير أغنت أم دراهمها

أين الأسرة تعلوها ضراغمها ** هل الأسرة أغنت أم ضراغمها

هذي المعاقل كانت قبل عاصمة ** ولا يرى عصم المغرور عاصمها

أين العيون التي نامت فما انتبهت ** واهًا لها نومةً ما هب نائمها

.سجع على قوله تعالى: {هذا بلاغ للناس ولينذروا به}:

يعني القرآن يا مشغولًا بذنوبه مغمورًا بعيوبه غافلا عن مطلوبه أما نهاه القرآن عن حوبه هذا بلاغ للناس ولينذروا به أنسي العاصي قبيح مكتوبه لابد عن سؤاله عن مطعومه ومشروبه وحركاته وخطواته في مرغوبه ألا يذكر في زمان راحته أحيان كروبه ألا يحذر من الأسد قبل وقت وثوبه ألا يتخذ تقاه تقية من شر هبوبه ألا يدخر من خصبه لأيام جدوبه ألا يتفكر في فراقه لمحبوبه ألا يتذكر النعش قبل ركوبه كيف يغفل من هو في صف حروبه رب إشراق لم يدرك زمن غروبه إلى متى في حرصه على الفاني ودؤوبه متى يرد يوسف قلبه على يعقوبه لقد وعظه الزمان بفنون ضروبه وحذره استلابه بأنواع خطوبه ولقد زجره القرآن بتخويفه مع لذة أسلوبه هذا بلاغ للناس ولينذروا به أيقظنا الله وإياكم من رقدة الغفلة ووفقنا الله وإياكم للتزود قبل النقلة وألهمنا اغتنام الزمان ووقت المهلة إنه سميع قريب. اهـ.

.قصص الأنبياء:

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في ذكر هود عليه السلام:

وهو هُودُ بن عابَر بن شالَخ بن فالغ بن ارْفَخْشَذْ بن سام بن نُوح.
قيل اسمٌ أَعجمىٌّ كنوح ولُوط ممنوع من الصّرف، وأَكثرون على أَنَّه عربىّ من هَادَ إِذا رَجَع، فهو هائدٌ والجمع هُودٌ.
وهود أَيضا اسم جِنْسٍ لليَهُود.
وأُضيفت سورة هود إِليه لاشتمالها على خطاب الله تعالى إِيّاه بقوله: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}.
وقد دعاه الله تعالى في نصّ التنزيل باثنى عَشر اسْمًا منها: مُرْسَلٌ {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ}، رَسُولٌ {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ}، ناصِحٌ وأَمِينٌ {وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ}، مُبَلِّغ {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي}، رَجل: {جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ}، مُنْذِرٌ {لِيُنذِرَكُمْ}، أَخٌ {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ}، واعِظُ {أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ الْوَاعِظِينَ}، نَاجِى {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا}، مُتَوكّل {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ}، بَرِئٌ {أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ}.
وذكره تعالى باسمه هود في مواضع من القرآن أَيضًا فقال: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا}، وأَكَّدَ أُخوَّته بقوله: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ}، {ياهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ} {نَجَّيْنَا هُودًا}، {أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ}، {أَوْ قَوْمَ هُودٍ}، {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ} وكان عليه السّلام من أَشْبَه الناس بآدَمَ بعد نبيّنا- صلَّى الله عليه وسلَّم.
وأَهلك اللهُ بدعائه قومَه بالرِّيح، ووسم سُورَةً من القرآن باسمه.
قال بعضهم:
أَهُزْءًا بالمواعِظِ والوَصايا ** أَرَدًّا للشَّواهِدِ والشُّهود

إِلى كَم ذا المُرُون على المُرودِ ** وكَمْ مِنْكَ الخيانة في العُهُودِ

قديمًا قِيل في مَثَلٍ أَجيدُوا ** بَضَرْبِ الكلب تأْديبَ اليَهُود

فما أَجْداك قَوْلُ الله رَدْعًا ** أَلاّ بُعْدًا لِعاد قَوْم هُودِ

.بصيرة في ذكر عاد:

وهو اسمٌ عربىٌّ لأَن العادِين كانوا يتكلَّمون بلغة العرب، مشتقٌّ من العُدوان والاعتداء.
وأَصله عادِى مثل قاضى.
وعادٌ كان أَبا هذا القَوْم، وكان من أَحفاد نُوح عليه السّلام، وهو عادُ بن عَوْص بن إِرَم بنِ سامِ بن نُوحٍ، وسَمَّوْه عادِيا وقومَه عادين؛ لاعتدائهم وتجاوزهم مُدَّة الحياة، الثانى في زيادة القهر والقوة؛ الثالث في زِيادة المال والنِّعمة؛ الرابع في زيادة المُلْكِ والمَكِنَةِ، الخامس في زِيادَة القَدِّ والقامَة، السّادس في زيادة الفَساد والمَعْصِيَة.
قال ابن عبّاس كان طول أَطولهم مائة ذِراعٍ، وطول أَقصرهم متّين ذراعًا.
وقد ذكرهم الله تعالى في القرآن في مواضع: قال تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} وقال تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} إِلى قوله: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ}، {وَعَادٍ وَثَمُودَ} {أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ}، {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ}، {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُواْ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}، {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ}، {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ}، {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى}، {كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ}، {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ}.
قال بعض المحدثين:
دَعا لَوْمِى فَلَوْمُكما مُعادُ ** ومَوْتُ العاشِقِين له مَعادُ

فلو قَتَلَ الهَوَى أَهلَ التَّصابىِ ** لمَا ماتُوا ولَوْ رُدُّوا لَعادُوا

فَمَوْلانا أَرانَا في عِداه ** نَكالًا حِين سِيمَ الخَسْفَ عاد

. اهـ.

.قال ابن كثير:

.قصة هود عليه السلام:

وهو هود بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح عليه السلام ويقال إن هودا هو عابر بن شالخ ابن أرفحشذ بن سام بن نوح ويقال هود بن عبد الله بن رباح بن الجارود بن عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام ذكره ابن جرير وكان من قبيلة يقال لهم عاد بن عوص بن سام بن نوح وكانوا عربا يسكنون الأحفاف وهي جبال الرمل وكانت باليمن من عمان وحضرموت بأرض مطلة على البحر يقال لها الشحر واسم واديهم مغيث وكانوا كثيرا ما يسكنون الخيام ذوات الاعمدة الضخام كما قال تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد} أي عاد إرم وهم عاد الأولى وأما عاد الثانية فمتأخرة كما سيأتي بيان ذلك في موضعه وأما عاد الأولى فهم عاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد أي مثل القبيلة وقيل مثل العمد والصحيح الأول كما بيناه في التفسير.
ومن زعم أن إرم مدينة تدور في الأرض فتارة في الشام وتارة في اليمن وتارة في الحجاز وتارة في غيرها فقد أبعد النجعة وقال ما لا دليل عليه ولا برهان يعول عليه ولا مستند يركن إليه وفي صحيح ابن حبان عن أبي ذر في حديثه الطويل في ذكر الأنبياء والمرسلين قال فيه منهم أربعة من العرب هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر ويقال إن هودا عليه السلام أول من تكلم بالعربية وزعم وهب بن منبه أن أباه أول من تكلم بها وقال غيره أول من تكلم بها نوح وقيل آدم وهو الأشبه قبل غير ذلك والله أعلم.
ويقال للعرب الذين كانوا قبل إسماعيل عليه السلام العرب العاربة وهم قبائل كثيرة منهم عاد وثمود وجرهم وطسم وجديس وأميم ومدين وعملاق وعبيل وجاسم وقحطان وبنو يقطن وغيرهم.
وأما العرب المستعربة فهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل وكان إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام أول من تكلم بالعربية الفصيحة البليغة وكان قد أخذ كلام العرب من جرهم الذين نزلوا عند أمه هاجر بالحرم كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى ولكن انطقه الله بها في غاية الفصاحة والبيان وكذلك كان يتلفظ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والمقصود أن عادا وهم عاد الأولى كانوا من عبد الأصنام بعد الطوفان وكان أصنامهم ثلاثة صدا وصمودا وهرا فبعث الله فيهم أخاهم هودا عليه السلام فدعاهم إلى الله كما قال تعالى بعد ذكر قوم نوح وما كان من أمرهم في سورة الأعراف: {وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين} وقال تعالى بعد ذكر قصة نوح في سورة هود: {وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد واشهدوا أني برىء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود} وقال تعالى في سورة قد أفلح المؤمنون بعد قصة قوم نوح: {ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين قال رب انصرني بما كذبون قال عما قليل ليصبحن نادمين فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين} وقال تعالى في سورة الشعراء بعد قصة قوم نوح أيضا: {كذبت عاد المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين فاتقوا الله وأطيعون واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين إن هذا إلا خلق الأولين وما نحن بمعذبين فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم} وقال تعالى في سورة حم السجدة: {وأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون} وقال تعالى في سورة الأحقاف: {واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بيد يديه ومن خلفه أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به إليكم ولكني أراكم قوما تجهلون فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين} وقال تعالى في الذاريات: {وفي عاد إذ أرسلنا عليكم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم} وقال تعالى في النجم: {وأنه أهلك عادا الأولى وثمود فما أبقى وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى فبأي آلاء ربك تتمارى} وقال تعالى في سورة اقتربت: {كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر فكيف كان عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} وقال في الحاقة: {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل يرى لهم من باقية} وقال في سورة الفجر: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد} وقد تكلمنا على كل من هذه القصص في أماكنها من كتابنا التفسير ولله الحمد والمنة.